آخر الأخباراخبار مصر › اللجان الشعبية.. لا موالين ولا معارضين ولكن "مع مصر"

صورة الخبر: اللجان الشعبية.. لا موالين ولا معارضين ولكن "مع مصر"
اللجان الشعبية.. لا موالين ولا معارضين ولكن "مع مصر"

مرت مظاهرة مناهضة للرئيس المصري حسني مبارك، فنهض أفراد لجنة شعبية ترابط على أحد الشوارع الرئيسية في القاهرة، وما أن وصلت المسيرة أمامهم حتى تقدم شابان وطلبا من اللجنة الانضمام إليهم، فرد أفراد اللجنة بـ"الرفض".

وبعد ساعة تقريبا مرت مظاهرة أخرى مؤيدة لمبارك، وبدأت أصوات تنادي بالانضمام إلى مسيرة "الشرعية"، فرفضت اللجنة ايضا.

فسألت أفراد اللجنة: "انتم مع مين؟"، فأجابوا: "مع مصر".


أذا كنت من المقيمين في مصر وأردت أن تعرف لماذا يسمي المصريون بلدهم بـ"المحروسة"، فما عليك سوى أن تنظر من خلال نافذة بيتك وسترى فتية وشيبا وشبابا وأحيانا نساء، بينهم أطباء ومهندسين وطلبة ورجال أعمال وأصحاب مهن وبسطاء، انتفضوا لكن ليس على طريقة المؤيدين ولا المعارضين للنظام المصري، بل تمترسوا أمام بيوتهم بطريقة عفوية لحماية بلدهم من المارقين والعابثين واللصوص.

فبينما يجوب بضعة ملايين الشوارع بين موالي ومعارض، انتشر ما تبقى من 86 مليون مصري في كل شارع وزاوية أو "ناصية"، لم يتركوا ثغرة يمر منها غريب، ورغم أنهم يعملون بصمت وهدوء، لكنك لا بد أن تشعر بتجمعاتهم مع كل غروب شمس حين يبدأ موعد حظر التجوال، حتى بعد شروق الشمس بساعات.

يقول سمير، طبيب أسنان في العقد الثالث من عمره: "نتبادل الورديات ويأخذ بعضنا قسطا من النوم كل يوم، ننسق أوقاتنا بطريقة مرضية للجميع، وإذا ما حدث طارئ خطير يتم إيقاظنا لنتجمع من جديد، فسلاحنا كثرتنا ووحدتنا".

حريصون على عدم إزعاج النائمين الآمنين، فهم الأمن الآن منذ أن غادرت الشرطة الحكومية مراكزها فجأة بعد " 25 يناير" مع انطلاق الانتفاضة الشبابية التي تطالب برحيل النظام الحاكم في مصر، وما تلاها من بعض عمليات السلب والنهب التي أرهبت السكان.

أن تتجول في شوارع القاهرة بعد متصف الليل، وتحمل كاميرا وبطاقة صحفية، تجد كل الترحيب من هذه اللجان والمساعدة، وأحيانا لابد من دعوتك على استراحة شاي و حلويات او حتى "حلة محاشي".

ينصبون كمائن على الطرق الفرعية والرئيسية، يفتشون كل من يرغب بالمرور عبر مراكزهم، كما يفتشون السيارات والعربات مهما كانت صفتها، ومن يرغب في الدخول للشوارع الفرعية بعد التأكد من "نظافته"، يعطونه كلمة سر لتسهيل مروره عبر الكمائن الفرعية.

حتى أن دورية شرطة كانت لتو قد استلمت مهامها بعد قرار السلطات بعودة رجال الأمن الى الشوارع، تم إيقافها من قبل لجنة شعبية وطلبوا من ضابط الدورية بطاقته، فتعاون معهم وأمر رجاله بإخراج بطاقاتهم، وحين إطمأن أفراد اللجنة أعطوه كلمة السر لتسهيل مروره على اللجان التالية.

مع ساعات الصباح الباكر مر عابر سبيل، كما شاهدت على احد النقاط، فتم تفتيش الشخص وطُلب منه بطاقته الشخصية وسؤاله عن وجهته ، وحين اطمأنت اللجنة طلبوا منه الجلوس معهم لحين انتهاء فترة حظر التجوال.

أما المشبوهين فيتم التعامل معهم بطريقة احترازية، بأن يتم احتجازهم وتسليمهم لأقرب نقطة للجيش المصري، الذي ينتشر في أرجاء البلاد، حيث تتمتع هذه اللجان باحترام وتعاون القوات المسلحة.

لا يتكلمون بالسياسة كثيرا، همهم الوحيد حماية مناطقهم من أي إزعاج، ويتمنون أن تنتهي الأزمة الراهنة "على خير"، لا يشكون ولا يملون، ولا يتهاونون مع أي اختراق.

وحدتهم الشوارع والأحياء، فكثيرون منهم لا يعرفون بعضهم أو جيران لا يلتقون كثيرا. "لم يسبق لي أن جلست مع جيراني وكنا دائما نتبادل تحية السلام فقط"، يقول جهاد ،45 عاما، مدير مبيعات. "لكن الأحداث الأخيرة رجعت الألفة والوحدة للمصريين رغم ما تراه من فرقة بين فئة قليلة منا، فنحن نلتقي كل يوم تقريبا ونتبادل الحديث والنكات أحيانا ونتشارك الهم أيضا".

جميع اللجان في المنطقة الواحدة مرتبطة بعضها ببعض، وتتواصل بـ"كلمات س" أو بوسائل الاتصالات المعروفة، وأحيانا عن طريق "الفيس بوك" و"تويتر" أيضا، كما أنهم ينشرون ما يسمى بـ"القناصة"، وهؤلاء يرابطون على أسطح البنايات ومهمتهم إنذار اللجان في الشوارع بقدوم غرباء أو تحذير رفاقهم من خطر ما.


يتسلحون بما تيسر لهم من عصي وسيوف زينة وبنادق صوت، وبعض بنادق الصيد وسكاكين مطبخ وما يصنعوه يدويا من أسلحة بدائية.

تعرضت بعض الكمائن لحوادث إطلاق نار، ولهجمات "بلطجية" ، لكن التكافل والتنظيم الصارم لهذه اللجان حماها من خسائر فادحة، كما أن تنسيقهم المتواصل مع الجيش يوفر لهم حماية من بعض الحوادث الخطيرة.

سألتهم: من أين لكم بهذه الخبرة في حماية أمن مناطقكم؟، فأبلغوني أنهم يتعلمون من بعضهم، يجتمعون باستمرار ويتبادلون الأفكار، ويشاركونها مع اللجان الأخرى وهكذا كل يوم، وعلى قاعدة "الحاجة أم الاختراع".

هم الجنود المجهولين والأغلبية الصامتة، لا يبحثون عن أي دور في الأزمة الطاحنة بين طرفي الصراع. ينام الناس وعيونهم ساهرة تحمي المحروسة وسط العاصفة، ولولاهم لتحولت البلاد إلى بركان هائج لا يبقى ولا يذر.

ويتساءل مراد، 16 عاما: "تصور مصر الآن بلا لجان شعبية!!"، ويتابع: "اللجان حمت مصر ووحدت المصريين".

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على اللجان الشعبية.. لا موالين ولا معارضين ولكن "مع مصر"

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
80525

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

تابع وشارك ثورة 25 يناير على صفحتك في فيسبوك وتويتر الآن:

أخبار مصر الأكثر قراءة

كل الوقت
30 يوم
7 أيام