شاهد على محاولة اغتيال عبد الناصر.. حكاية الحاج عبد اللطيف مع باشوات الحلمية.. فيديو

بعكاز خشبي عتيق يتكئ عليه الحاج " عبد اللطيف مرسي" الثمانيني وهو جالس على كرسيه بجوار بضاعته من البرتقال الطازج على مشارف شارع علي باشا مبارك بمنطقة الحلمية الحديثة أحد المناطق التراثية بالقاهرة، مستعيدًا شريط ذكرياته مع بشوات المنطقة الراقية آنذاك التي قطن فيها قرابة الخمسين عامًا.

حمل النصيب عم "عبد اللطيف" للسفر من الشرقية موطنه الأصلي، إلى أروقة شوارع الحلمية الجديدة الراقية وهو في العشرين من عمره، للبحث عن رزقه في منطقة البشوات والتكسب من بيع الفول على عربته الخاصة.

حضر " مرسي" الشهير بعم عباس العديد من البشوات منهم الهامي باشا ، نسيم سري باشا الذي تحول منزله إلى مدرسة قومية بعد تأميمها في أبا ثورة 52 ، والذي كان يرسل خادمه لشراء الفول من عربة " عبد اللطيف" لتناول الإفطار، بحسب رواية عباس لموقع "صدى البلد".

شاهد على محاولة اغتيال

كانت الحملية الحديثة التي أساسها الخديوي عباس حلمي الاول والتي طورها الخديوي اسماعيل، تعج بالشوات ذات الأصول التركية، وعيان مصر ، حيث كانت تتسم الحملية آنذاك بالقصور المعمارية الفخمة والسيارات الفارهة وشوارع الراقية التي كانت تتسم بالهدوء.

بحسب وصف عم " عبد اللطيف" كان بشوات الحلمية كما يطلق عليهم يحملون الطبع الراقي و المتواضع وكان يعطف أغلبهم على الفقراء، و يحسنوا التعامل معهم، علاوة على أهتمامهم بمظهرهم الأنيق والفخم .

شاهد على محاولة اغتيال
واكب" عبد اللطيف" لاحظة محاصرة قصر عابدين لقربه من منطقة الحملية الحديثة خلال إعلان ثورة 23 يوليو، والتي كانت معججة بالجنود آنذاك، حيث ظل عم "مرسي " حبيس منزله محاولًا معرفة ما تؤول إليه الأمور " محدش كان بيخرج من بيته والعساكر كانت في كل حته ، بس يوم ما أعلنوا الثورة كل الناس نزلت تحتفل، انا نزلت وكنت مبسوط حسيت بالحرية والتحرر من الإقطاع ورجوع مصر لأصحابها بعد ما كان بيحكمها الأتراك".اختلف مشهد منطقة الحملية الراقية في نظر عم "عبد اللطيف" عن العقود الماضية، حيث هدمت القصور التراثية و شيدت مكانها أبراج سكنية تواكب حداثة العصر الآني، ليهدم التراث وتدفن معه ذكرياته.

شاهد على محاولة اغتيال

لم يتبقى من تراث الحلمية سوى قصر واحد يطلق عليه قصر الفقراء يقال عنه، أنه ينسب إلى الشيخ رفاعة الطهطاوي ويسكنه أحفاده، حيث كان يطعم القائمين على القصر الفقراء كل يوم جمعة علاوة على إقامة الحضرات والتواشيح الدينية في رمضان، لتظل هذه العادة قائمة حتى وقتنا هذا، حيث يجتمع أصحاب القصر كل يوم جمعة للصلاة فيه.

يتسم قصر الفقراء العتيق بمشربيات خشبية ومبنى ذات اللون الأحمر يحوطه سور حديدي محاط بالأسلاك الشائكة ، و شرفات خشبية ذات تراث ملكي قديم.

شاهد على محاولة اغتيال

يرى عم " عبد اللطيف مرسي " ان هذا القصر أحد رموز الحملية المتبقية لتحكي تراث لم تعهده الأجيال الحالية والتي تجهل الكثير عن تلك المنطقة، فكل معلوماته عن هذا القصر انه مكان يذهب إليه الفقراء لتناول الطعام ونيل الصدقة، ويحضرون فيه الحضرات التي تعقد كل رمضان، و الذي يحرس عم " مرس" على حضورها في الشهر الكريم.

شاهد على محاولة اغتيال
شهد الحاج "مرسي " العديد من المواقف التاريخية خلال عمر الذي يصل بنحو 85 عامًا ، ولكن أبرزها حين كان مجند بالجيش المصري ويأمن خطاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بالإسكندرية في 26 أكتوبر من عام 1954، حيث رأى وسمع صوت دوي رصاص يطلق على عبد الناصر في محاولة إغتيال خسيسة على حد تعبيره من قبل أحد أفراد جماعة الإخوان الإرهابية " أنا في اليوم ده كانت من ضمن الجنود اللي كانت بتأمن الخطاب وفجأة سمعنا صوت ضرب نار وكل كان مصدوم وخايف لحد ما القوت قبضت على المتهم حسنا ساعتها بالإرهاب".

بعد سنوات التي عاشها "مرسي" في الحلمية يتبادل مع زوجته الحكايات والقصص لاعادة الذكريات الجميلة التي عاشوها بالمنطقة العتيقة، ليواكب عصرًا يختلف عن الذي عاشه في الماضي مترحمًا على ايام الزمن الجميل على حد تعبيره.

الستر هو كل ما يطلبه الحاج " عبد اللطيف" من الحياة راضيًا بما قضاه من حياته التي تناهز من العمر الـ 85 عامًا، شاهد فيها زخم من أحداث الماضي والحاضر .

المصدر: elbalad