من هو صاحب فكرة تدمير خط بارليف بـ خراطيم المياه؟

ساعات قليلة تفصلنا على الاحتفال بالذكرى الـ 45 لحرب السادس من أكتوبر المجيدة، والتي وصفتها عدد من الكتب العسكرية والتاريخية بأنها أهم حدث عسكري وقع في القرن العشرين لما شملته من أسلحة تكنولوجية حديثة استطاعت أن تغير معادلة موازين القوى في العالم.

في الساعة الثانية ظهراً عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس واستطاعت اقتحام خط بارليف المنيع بخطة عبقرية لأحد الضباط المصريين الشباب والذي كان له دور بارز أثناء حرب أكتوبر، ساتر ترابي ارتفاعه يصل من 17 لـ 20 مترا فوق سطح مياه قناة السويس، في معظم أنحائه كُتل الخرسانية ويحاط بالرمال من كل جانب.

من هو صاحب فكرة تدمير
بداية الفكرة

كانت الفكرة تراود الضابط المهندس باقي زكي يوسف من عام 1969، فبعد إحدى عمليات حرب الاستنزاف في عبور قناة السويس يوم 6 أكتوبر 1969 عقد اللواء أركان حرب سعد زغلول عبد الكريم، اجتماعا لمناقشة كيفية العبور والقضاء على خط بارليف، وكان الحضور مشكل من العميد أبو الفتح محرم، ورئيس العمليات اللواء طلعت مُسلم، ورئيس فرع المهندسين العقيد سمير خزام، ورئيس فرع الإشارة العقيد صبحي اليوسف، ورئيس فرع الاستطلاع الرائد عادل زكريا.

وقتها بدأ اللواء سعد زغلول الحديث بعرض التفاصيل التي لديه، بعدها بدأ كل رئيس تخصص عرض وجهة نظره، منهم من قال إن التغلب على الساتر الترابي يكون بقذفه بالقنابل ومنهم من قال إنه لا حل سوى بصواريخ المدفعية، ولكن حينما سأل اللواء زغلول عن الوقت الذي تستغرقه عملية فتح الثغرات، وجاء الرد بأنه 15 ساعة، هنا ومضت فكرة في ذهن الضابط الشاب باقي يوسف.

من هو صاحب فكرة تدمير
حدثت في السد العالي

قائلاً: يا فندم ربنا حط المشكلة وجنبها الحل لكي نفتح ثغرات في الساتر الترابي علينا أن نوجه مدافع مياه مضغوطة إلى جسم الساتر لتجري رماله إلى قاع القناة، وقتها اندهش الجميع وساد الصمت المكان للحظات، فلا أحد يستوعب إمكانية تطبيق الفكرة على أرض الواقع.تابع الضابط الشاب حديثه إلى قيادات الجيش الثاني: بالمناسبة هذه الفكرة تم تنفيذها في السد العالي بأسوان، حيث رفعنا ربع السد العالي بالتجريف، لكن الوضع هنا في القناة سيكون مختلفا، فلن نكون إلا بحاجة لمرحلة واحدة فقط، وهي استخدام طلمبات قوية، تدفع الرمال للغوص في أعماق القناة، يساعد على ذلك الميل الشديد لجوانب الساتر الترابي.

من هو صاحب فكرة تدمير
إعجاب القادة

استطاع يوسف أن يقنع قياداته حيث أعجبت الفكرة قائد الجيش الثالث فطلب من زكي يوسف، إعداد تقرير فني عن فكرته وكيفية تنفيذها، وقد نال هذا التقرير إعجاب الرئيس عبد الناصر، الذي أمر بدراستها وتجربتها، وقام زكى يوسف بتصميم مدفع مائي فائق القوة لقذف المياه، في إمكانه أن يحطم ويزيل أي عائق أمامه أو أي ساتر رملي أو ترابي في زمن قياسي قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية.

تجربة الفكرة

وقامت إدارة المهندسين بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة زادت على 300 تجربة اعتبارًا من سبتمبر عام 1969، حتى تم القيام ببيان عملي في يناير عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة، وعلى ضوء النتائج المرصودة تم إقرار استخدام فكرة تجريف الرمال بالمياه المضغوطة كأسلوب عملي لفتح الثغرات في الساتر الترابي شرق القناة في عمليات العبور المنتظرة.

وتم استيراد طلمبات المياه من إنجلترا وألمانيا بحجة استخدامها في عمليات إطفاء الحرائق، والتنمية الزراعية، وفي يوم 6 أكتوبر، نجحت الفكرة نجاحًا باهرا خلال المعركة، فقد تم الانتهاء من فتح أول ثغرة في الساتر الترابي الساعة السادسة من مساء يوم العبور، بعد أربع ساعات، ووصلت الخسائر البشرية إلى 87 فردا وهو أقل بكثير من الحلول الأخرى المقترحة.

جوائز باقي زكي

صاحب الفكرة اللواء باقي زكي يوسف ترقى إلى أن وصل لمنصب رئيس فرع المركبات بالجيش الثالث الميداني أثناء حرب أكتوبر، وحصل على نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات في فبراير عام 1974 عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 1973، كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس محمد حسني مبارك عام 1984 بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة.

فباقي زكي المولود في 23 يوليو عام 1931، توفى في 23 يونيو الماضي قبل شهور قليلة من الاحتفال بالذكرى الـ 45 لانتصارات أكتوبر.

المصدر: elbalad