آخر الأخباراخبار مصر › من هنا تقطع الآثار المصرية طريقها للخارج.. «مسارات التهريب»

صورة الخبر: من هنا تقطع الآثار المصرية طريقها للخارج.. «مسارات التهريب»
من هنا تقطع الآثار المصرية طريقها للخارج.. «مسارات التهريب»

خطوة بخطوة.. رحلة الآثار المصرية من موقع اكتشافها حتى وصولها لمعارض الدول الأخرى الكمائن ليست عائقا.. للآثار طرق أخرى تسلكها

في أغسطس من العام الماضي، أعلنت وزارة الآثار في بيان رسمي عن فقدان 32 ألفا و638 قطعة أثرية على مدى أكثر من خمسين عاما مضت، بناء على أعمال حصر قامت بها مؤخرا، مشيرة إلى أن ذلك الحصر سيساعدها في تتبع القطع مع الإنتربول الدولي من أجل استردادها. كان ذلك البيان كفيلًا بإثارة غضب المهتمين بقطاع الآثار، لا سيما أن القطع المفقودة من المفترض أنها مسجلة، وعليها حراسة وتأمين، ورغم ذلك لم يتم الكشف عن تفاصيل المتسبب في سرقتها، كما يُضاف عليها آلاف القطع التي خرجت من مصر من خلال أعمال التنقيب غير الشرعي، والتي لا تمتلك الآثار لها أوراقا تثبت أنها تخص مصر، ويجعل هناك صعوبة كبيرة في استردادها مرة أخرى.

وعاد الحديث عن ملف تهريب الآثار مجددًا بعدما فجرت السلطات الإيطالية في مايو من هذا العام قضية ضبط آثار مصرية قادمة من ميناء الإسكندرية، والتي تأتي بعد واقعة ضبط تمثال في الكويت، لا سيما أن القطع التي استرددها مصر من الجانب الإيطالي تقدر بأعداد مهولة 21 ألفا و660 عملة معدنية بالإضافة إلى 195 قطعة أثرية، منها 151 تمثال أوشابتي صغير الحجم من الفاينس و11 إناء فخاريا و5 أقنعة مومياوات، بعضها مطلي بالذهب وتابوت خشبي ومركبان صغيران من الخشب، ورأسا كانوبي و3 بلاطات خزفية ملونة تنتمي للعصر الإسلامي.

خط سير عصابات الآثار يلجأ معظم مهربي الآثار في مصر إلى استخدام نفس الطرق المتبعة في عمليات الهجرة غير الشرعية، حيث يبتعدون عن المنافذ الشرعية سواء البرية أو البحرية أو الجوية، وتقوم تلك العصابات بنقل توابيت كاملة بواسطة مراكب في مناطق يغيب عنها التأمين البحري، كما يحدث عملية تسليم لتلك المقتنيات في عدة نقاط بحرية، حيث يتم نقل القطع من مركب إلى آخر حتى تبتعد عن حدود مصر البحرية. صورة أرشيفية ومن ضمن المناطق التي يوجد فيها العصابات المنظمة مركز أهناسيا ببني سويف، حيث يتزايد فيها عمليات التنقيب غير الشرعي، بالإضافة إلى محافظات الأقصر والمنيا وقنا، والتي تستهدف الدروب والجبال في نقل وتخزين الآثار بنفس الطرق المتبعة في تجارة السلاح، ومن أهم تلك النقاط جبال قرية الشيخ عيسى، والدروب الجبلية بقرية حجازة في مركز قوص، وجبال قرية كلاحين الحاجر، وهي تضم بيوتا مشيدة بالطين، وجبال قرية القناوية، كما يتم استخدام الجمال وسيارات الدفع الرباعي في التهريب، فضلًا عن محاولة إخفاء الآثار في سيارات الفواكه القادمة من الصعيد إلى القاهرة.

أما الطريقة الثالثة فتتمثل في الاعتماد على السفارات الموجودة في مصر لتهريب الآثار إلى الدول التابعة لتلك السفارات، وذلك من خلال استغلال اتفاقية فيينا التي تعطي الحصانة الدبلوماسية لحامل الحقيبة الدبلوماسية. ويرجح الدكتور يوسف خليفة رئيس قطاع الآثار الأسبق فكرة أن معظم الآثار يتم تهريبها عن طريق البحر حتى لا تمر على الوحدات الأثرية، مشيرًا إلى أنها تنتقل من مراكب صغيرة يكون داخلها وسطاء في عرض البحر، وتحمل قطعا أثرية خرجت من التنقيب غير الشرعي، وفي نهاية المطاف تصل إلى مركب كبير والذي يتجه إلى جهة التهريب. ومن ضمن الأسباب وراء عدم التصدي لذلك الأمر ما يتمثل في ارتفاع رقعة مصر وانتشار الآثار في العديد من المواقع خاصة في الوادي الجديد، والتي يصعب مراقبتها بشكل دائم، وبالتالي لا توجد سيطرة على عملية الحفر خلسة..

الحقيبة الدبلوماسية مظروف أو طرد أو صندوق أو حاوية شحن أو أي وعاء آخر يستخدم بواسطة البعثة الدبلوماسية، وتتمتع بالحصانة الدبلوماسية، بمعنى أنه لا يجوز تفتيشها عند منافذ الحدود والمنافذ الجمركية، كما لا تجوز مصادرتها، وليس للحقيبة الدبلوماسية حجم أو وزن أو شكل معين كشرط لتمتعها بالحصانة. وتنص اتفاقية فيينا على أن الحقيبة الدبلوماسية يجب ألا تستخدم في غير الأغراض الرسمية التي تخدم مهمة البعثة الدبلوماسية.

تدخل الحقيبة إلى الدولة المضيفة غالبا بصحبة عضو في البعثة الدبلوماسية يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، ويسمى حامل الحقيبة الدبلوماسية. عجز عدد أفراد الوحدات الأثرية وحسب معلومات من مصدر مطلع بوزارة الآثار فإن هناك عجزا في أعداد الأثريين المشرفين على بعض المنافذ الجمركية من ضمنها الإسكندرية وأسوان والأقصر وجنوب سيناء، كما أنها بصدد إنشاء مركز وحدات في السويس، وهو الأمر الذي أكده حمدي همام رئيس إدارة الوحدات الأثرية في أثناء التواصل معه، والذي أشار إلى أنهم يغطون 44 وحدة، وتوجه شريحة كبيرة من الأثريين انتقادات لزملائهم الذين يعملون في الوحدات الأثرية في المنافذ البرية والبحرية والجوية، معتبرين أنهم لا يتحركون من مكاتبهم إلا عندما يطلب منهم ذلك من مسؤولي الجمارك أو تأمين المطارات، وهو الأمر الذي يرد عليه رئيس الإدارة المركزية للمنافذ والوحدات الأثرية بأن قانون الجمارك هو الذي يحكم عملهم داخل الدوائر الجمركية، ولا يمكن أن نستخدم الضبطية القضائية في أماكننا.
وكان من ضمن البراهين التي يحملها أنه في 2017 أوقفوا تهريب أكثر من 3 آلاف قطعة، كما أنه من عام 1986 أنشئت أول وحدة أثرية منعوا تهريب 100 ألف قطعة أثرية، كما نقوم بـ600 معاينة في الشهر بمعدل 20 معاينة يوميا. الغريب أن الحاوية التي كانت تحمل الآثار متوجهة إلى إيطاليا مرت دون أن تطلب الجمارك من مسؤولي الوحدات الأثرية فحصها، رغم أنه طبقًا لقانون حماية الآثار المادة 50 من اللائحة التنفيذية أن الوحدات الأثرية الموجودة في المنافذ المصرية تفحص ما يعرض عليها من مصلحة الجمارك والجهات الرسمية للدولة، وأن أي شيء يشتبه في أثريته لا بد أن يقدم إلى مفتشي الإدارة المركزية للمنافذ والوحدات الأثرية بالمواني المصرية لتحديد القطع الأثرية من عدمها.

ويؤكد مسؤول الآثار أن الجمارك والجهات الأمنية والمباحث وأمن الموانى جميعها جهات متداخلة، وتكون موجودة في أثناء تفتيش الحاويات، وأنه عندما يكون هناك معاينة في المطار يكون هناك وجود للأجهزة الأمنية بمختلف أشكالها سواء في قرية البضائع أو تأمين الركاب في المطار. ولاحظت وزارة الآثار خروج أعداد كبيرة من المقتنيات الأثرية من خلال الحقائب الدبلوماسية، وهو ما جعلها تخاطب المجلس العسكري في عام 2011 عندما كان حاكمًا للبلاد لتخطره بوجود شكوك في تهريب الآثار من خلال الحقائب الدبلوماسية بشكل كبير استغلالًا لحالة الانفلات الأمني في ذلك الوقت، وهو ما نتج عنه إصدار قرار بوضع تلك الحقائب على أجهزة الإكس راي. رئيس الوحدات الأثرية أشار إلى أن جهات التحقيق ستكشف عن أسباب عدم ضبط آلاف القطع المعدنية التي مرت على الأجهزة في الجمارك، مثلما كشفت اللغز في مرور تابوت الكويت من المطار، وتوصلوا إلى أن التمثال مر أكثر من مرة على الجهاز، وأن مسؤول الشيفت دخل في نقاش مع المهرب. انقراض وظيفة حارس الآثار وتعد مسألة قلة عدد حراس الآثار الذين يشرفون على المواقع الأثرية من الأمور الرئيسية التي سهلت أعمال التهريب، إذ إنهم إما خرجوا على المعاش أو ليسوا على قيد الحياة، في الوقت الذي لا يتم فيه الاهتمام بتعيين حراس جدد للمواقع الأثرية، ولذلك لا تجد العصابات أية مشكلات في أثناء تنقيبها بشكل غير شرعي في المواقع المختلفة في محافظات مصر.

ويرى خبراء الآثار أن على مجلس الوزراء مراجعة الطلبات المقدمة لتعيين حراس الآثار، في ظل وجود تلال أثرية تعانى عجزا شديدا فى الحراسة فى كل مكان فى مصر، بالإضافة إلى مطالبتهم بمراقبة المواقع الأثرية عبر الأقمار الصناعية، ومراجعتها من وقت لآخر. تهريب تمثال رغم اكتشافه بالمطار لكن تظل مشكلة استخدام الحقائب الدبلوماسية في عمليات التهريب من الأمور التي يصعب حلها، ففي ديسمبر 2015 كانت هناك واقعة تتلخص في أن السلطات الجمركية بمطار القاهرة الدولى، سمحت بسفر الحقيبة الدبلوماسية للسفارة الألمانية بالقاهرة بعد تدخل وزارة الخارجية، وإرسال مذكرة لجمارك قرية البضائع بالسماح لشحن الحقيبة الخاصة بالسفارة دون فتحها، رغم تحفظ الجمارك ومركز الوحدات الآثارية بالمطار، على الحقيبة بعد اكتشاف الجمارك وجود تمثال داخل الحقيبة. وعرض الأمر على مركز الوحدات الأثرية الذى طلب تشكيل لجنة من الوحدة والجمارك والخارجية والشرطة ومندوب السفارة، وفقا للقانون، لمعاينة التمثال، وبيان قيمته إذا كان أثريا أو مجرد تمثال تذكار، ولكن السفارة الألمانية اعترضت على فتح الحقيبة، وتم التحفظ عليها حتى تدخلت وزارة الخارجية، وسمحت بسفرها دون تفتيش، وهو الذي يشير إلى أن القرار المتخذ في عام 2011 يعطي الحق للجمارك بوضع الحقائب الدبلوماسية على اجهزة الكشف لكنه لا يعطيها الحق في فتح الحقيبة حتى إذا اكتشفت وجود آثار داخلها.

استخدام القانون لتهريب القطع استخدم المهربون بعض الثغرات في القانون للتهريب مثل استغلال قانون 1951 الذي حظر تهريب الآثار، لكنه سمح بمرور متحف كامل للخروج القانوني من مصر، إذ نصت إحدى مواده على السماح بتبادل الآثار المكررة مع المتاحف أو الأشخاص أو بيعها أو التنازل عنها للهيئات أو الأفراد المصرح لهم بالتنقيب. ويعد تطبيق مبدأ "القسمة" السبب الرئيسى فى خروج العديد من قطع الآثار المصرية للخارج، حيث كان ينص قانون الآثار المصرى فى ذلك الحين على إجراء القسمة على الآثار المُكتشفة بين البعثات الأجنبية والحكومة المصرية، والذى بدأ مع مطلع القرن الثامن عشر، هذا بالإضافة إلى التجارة غير المشروعة للآثار والتى كانت تتم بمُساعدة العاملين فى قنصليات بعض الدول بالقاهرة، والتى أدت إلى خروج أعداد كبيرة من القطع النادرة، وتم عرضها فى متاحف العالم مثل متحف "المتروبوليتان" بالولايات المتحدة ومتحف "برلين" بألمانيا ومتحف "اللوفر" بفرنسا وأخرى بفرنسا تتضمن عددا من المسلات المصرية القديمة.

وفي مؤتمر القاهرة الدولي الأول للحفريات عام 1937 نصت "توصية خطيرة" في اختتام أعمالها على أن الهيئات والمتاحف الأجنبية لا تستطيع الوفاء بمهامها العلمية والتعليمية وأن على الحكومة المصرية أن تساعدها في تملك القطع المكررة وأن تمنح المنقبين حصة فيما يكتشفونه. وهناك طرق أخرى للتهريب منها أن يتم وضع أثر مقلد مكان الأصلي، وبعدها يتم الحصول بهذا الأثر المقلد على شهادة من مركز تسجيل النماذج الأثرية، تفيد أن هذا الأثر مقلد، وعند السفر للخارج يتم إبراز هذه الشهادة في المطار، لذا يعتقد المسئولون بالمطار أن القطعة الأثرية المصرح بخروجها مقلدة ولا يعتقدون أنه التمثال الحقيقي، وقد تم تهريب تمثال متحف المطار بهذه الطريقة.

المصدر: التحرير

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على من هنا تقطع الآثار المصرية طريقها للخارج.. «مسارات التهريب»

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
86103

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

تابع وشارك ثورة 25 يناير على صفحتك في فيسبوك وتويتر الآن:

أخبار مصر الأكثر قراءة

كل الوقت
30 يوم
7 أيام