آخر الأخباراخبار مصر › قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

صورة الخبر: قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة
قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

في إحدى زوايا صفحات جريدة «الأهرام»، برفقة صورة أبيض وأسود، نُشر خبر وفاة اللواء، موريس عزيز غالي، أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، الحاصل على عدة أنواط، «نوط الجمهورية العسكري من الدرجة الأولى، نوط الواجب العسكري، نوط الخدمة الممتازة».

مرّ الخبر سريعًا دون أن نعرف جزءًا من سيرة المُحارب الذى رحل في صمت قبل ذكرى حرب أكتوبر بأيام.

جاء صوت زوجته، السيدة كلوديت، شجيًا من الناحية الأخرى من الهاتف، عندما اتصلنا بها لنعرف أكثر عن اللواء موريس غالي، الرجُل الصعيدي الذى ولد في محافظة المنيا، لأب كان يعمل مديرًا في بنك التسليف، ووهبَ اثنان من أبنائه لحرب أكتوبر 1973، الابن الأكبر، مُحرر القنطرة، الفريق فؤاد عزيز غالي، ثم موريس غالي.

ذاقَ «موريس» مرارة النكسة قبل أن يذق انتصارات حرب أكتوبر 1973، لذا وهب حياته كاملةً للجيش وخوض الحروب، ذهب إلى حرب اليمن 1962، ثم عاد وشارك في حرب 1967، التى عُرفت فيما بعد بـ «نكسة يونيو- حزيران»، ورغم الهزيمة الثقيلة، لم يتراجع «موريس» عن المشاركة في حرب أكتوبر 1973.

«صحيت الصبح لقيته راح الحرب»، تروي «كلوديت» ذكرياتها عن اليوم الأول الذى ذهب فيه زوجها «موريس» إلى الحرب، ولم يخبر أحدا، الأمر الذى أثار قلقها ولم يثر دهشتها أبدًا، كما تقول: «كان يبقى قاعد في البيت وبيفكر في الحرب، حتى مكنش يعرف أولاده في سنة كام في الدراسة».

جلسَت «كلوديت» بجانب الراديو، تسمع أخبار الحرب وتطمئن على زوجها «موريس»، ولكن دون فائدة، كانت تمر الأيام ثقيلة، حتى جاء أول أيام الحرب، تحديدًا الساعة السابعة، أذاع الراديو بيانا نقلاً عن القيادة العامة للقوات المسلحة، يقول:

«هُنا القاهرة.. إليكم أيها المواطنون، البيان رقم 7 الذي صدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة بتاريخ السادس من أكتوبر سنة 1973، بسم الله الرحمن الرحيم، نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول المواجهة، وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقي للقناة، وتواصل قواتنا حاليا قتالها مع العدو بنجاح».
لم تستكمل «كلوديت» الاستماع إلى الراديو، فقد عمّت الفرحة أرجاء الشوارع، وليس منزلها الصغير فقط، كان الشعب المصري ينتظر حلاوة الفرحة عقب النكسة، فيما كانت تنتظر «كلوديت» عودة زوجها سالمًا لها ولأولاده، هاني وجورج، كما روت: «رغم الفرحة، كنت قلقانة، قعدنا مدة طويلة وقت الحرب منعرفش عنه حاجة، حتى أخوه فؤاد معرفش».

على صوت الراديو، كانت تستيقظ وتنام «كلوديت»، لعلّها تسمع أى أخبار عن «موريس»، فكانت الإذاعة تبث أخبار غير مطمئنة عن الجنود: «كنت بسمع في الأخبار إنهم مش لاقيين ياكلوا في الثغرة، وإن البوليس الدولي قال هيبعت 100 شاحنة أكل للجنود».

ظلّ منزل «موريس» جائعًا لصوته وكأنهم في الحرب، حتى جاء اتصال هاتفي منه، يطمئنهم على أحواله ويخبرهم إنه سيعود خلال أيام، وبالفعل عاد في فبراير، عقب انتهاء الحرب، حيث أصر على أن يكون ضمن آخر دفعة من المحاربين وألا يترك ساحة القتال.

عاد «موريس» وفي جعبته حكايات عن أبطال الحرب، ظلّ يرويها لعائلته وأبناء الحي، وربما للبحر أيضًا، كان يسكن في منطقة «رشدي» بالإسكندرية، ويُعرف هناك بأنه أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، كان يتحدث «موريس» عن ذكرياته مع زملائه أثناء الحرب، التى تزامنت مع شهر رمضان، قائلاً: «مكناش نحب ناكل إلا وقت الفطار مع زملائنا، مفيش فرق بين قبطي ومسلم».

وفي ذكرى الحرب من كل عام، كان يذهب «موريس» إلى احتفالات أكتوبر، سعيدًا وكأنها ليلة العيد، يذهب متسلحًا بذكريات عمرها أكثر من 40 عامًا، فهو محارب قديم يزور أرض المعركة كل سنة بذكرياته، كما روت زوجته: «في ذكرى 6 أكتوبر من كل سنة، كان يحب يتكلم ويحكي عن الحرب، وكانت الناس تتصل تهنيه».

وقبل ذكرى أكتوبر هذا العام، مرض «موريس» وخلال أيامه الأخيرة، طلبَ من زوجة ابنه، أن تحضر له الأنواط العسكرية التى حصل عليها طوال حياته، فيما كان يقول: «عاوز الأنواط جنبي، حاسس إني هروح أقابل ربنا قريب».

على سرير المرض، تلحف «موريس» بذكرياته عن الحرب وبالأنواط التى يفخر بها، ويطلب من زوجته أن تفتح صندوق الأنواط كي يلقى نظرة أخيرة عليها: «في الآخر مكنش قادر يتحرك، كان بيقولي افتحي واتفرجي على الأنواط».

في الفجر الأخير من أربعاء سبتمبر، رحل «موريس» عن الدنيا في صمت، قبل أن يشهد احتفالات أكتوبر الأخيرة قبل وفاته، لم تذكره الجهات الرسمية، فقط كتبت زوجته نعيًا له في الجرائد الرسمية وذكرت الأنواط التى يفتخر بيها، ورغم عدم وجود أى تعزيّة رسمية في وفاة البطل، موريس عزيز غالي، إلا أن أصدقاء الحرب التى حملها في قلبه، حرصوا على التواجد وأداء واجب التعزية.

صورة الخبر: قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

صورة الخبر: قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

صورة الخبر: قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

المصدر: المصرى اليوم

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على قصة بطل رحل في صمت قبل ذكرى النصر بأيام: آخر من غادروا ساحة المعركة

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
53265

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

تابع وشارك ثورة 25 يناير على صفحتك في فيسبوك وتويتر الآن:

أخبار مصر الأكثر قراءة

كل الوقت
30 يوم
7 أيام