آخر الأخباراخبار مصر › «المصري اليوم» داخل مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة (صور)

صورة الخبر: مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة
مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة

في قرية الزيدية الواقعة شمال محافظة الجيزة ، تمتد المزروعات على مدى البصر. تتخللها مزارع متناثرة لتربية الدواجن يتحسب أصحابها لموجة موسمية تقترب لمرض أنفلونزا الطيور ، إلا من مزرعة واحدة، ترعى فيها الدواجن داخل العنابر الخانقة دون اهتمام.

آلاف الأفرخ الصغيرة تحاول البحث عما تبقى داخل المعالف البلاستيكية على بعض الحبوب التي يمكن تناولها، في صراع مع الجوع والموت، يقود بعض تلك الأفرخ للخروج من غرفة العنبر بحثًا عما يقيم الأود، فلا يقابلها سوى طعام فاسد يتطاير عليه الذباب، وأدوية، وملابس بعضها مهلهل، وبعضها ملطخ بدماء أفراد كانوا هنا، أعلنت وزارة الداخلية عن مقتل 9 منهم صباح الجمعة الماضية، بعد اشتباكات بينها وبينهم استمرت نحو 6 ساعات، حسب بيان رسمي صادر عن الوزارة، عصر السبت.

تقول الوزارة إن تلك العناصر الإرهابية التكفيرية اختبئت بتلك المزرعة بمنطقة الزيدية، وإن المعلومات المتوافرة لديها تؤكد أنهم تورطوا في ارتكاب عمليات إرهابية، كان على رأسها التفجيران اللذان استهدفا مقر إدارة قطاع الأمن الوطني بالقليوبية، والقنصلية الإيطالية بالقاهرة، بسيارتين مفخختين، بينما الآثار التي رصدها محرر «المصري اليوم » أثناء زيارته للمزرعة تشير إلى عكس ذلك.

بعد مرور 24 ساعة على الحادث، يجلس خفيران وبجانبهما بندقية وحيدة على حصيرة بمزرعة الدواجن التي جرت فيها المطاردة. أمرتهم قوات الأمن التي غادرت لتوها بتأمين المبنى، بينما تتناثر حولهما قفازات عناصر البحث الجنائي، وفوارغ الرصاصات التي تركت آثارها على جدران المبني.

تعود ملكية تلك الأرض إلى عائلة عبدالمنعم الوراق، بحسب الخفراء، وأحد الجيران هناك، يدعى ماهر يوسف، وهو مقاول يمتلك مزرعة جانبية يطل بيته فيها على مزرعة الدواجن التي جرت فيها المواجهة، يقول: «الأرض يؤجرها منذ سنوات ابن عبدالمنعم الوراقي، وهو عقيد في القوات المسلحة، بصفته أحد ورثة أبيه». تعمل المزرعة على انتاج الدجاج، يستأجرها أي شخص، يربي الدجاج في العنابر، ثم يبيعه بعد 40 يومًا وهي مدة دورة التربية، بعضهم يؤجرها لدورات متتالية إذا ما صادفه المكسب، والبعض الآخر يكتفي بدورة تأجير واحدة بعدما تصيبه الخسارة.

قبل ذلك بشهرين أتى مستأجر عن طريق «محمد كامل» خفير حراسة الأرض، تتحفظت عليه وزارة الداخلية حاليًا للتحقيق معه، فهو من تولى الوساطة بين صاحب المزرعة، وبين مستأجر جديد يدعى «أبوعبدالله».

«لم نعرف عنه أكثر من لقبه»، يقول ماهر، وهو يرجع بكرسيه إلى الخلف، وتتغير ملامحه الهادئه، «قال لنا إنه يعيش في المرج، وجاء من الإمارات ليعمل هنا، لم نفهم شيئًا من كلامه، ولم أهتم بمعرفة أي شئ عنه». يضيف ماهر: «كنت أرى ابنه طوال النهار والليل يقف على السطح، لا يتحرك، لكن في نفس الوقت لم أر أشخاصًا سواه».
«المصري اليوم» داخل مزرعة الدواجن التي شهدت مقتل 9 متهمين بالإرهاب

بأي حال لا تحتاج مزارع الدواجن سوى اثنين من العمال بحد أقصى، يقول ماهر، مضيفًا أنه لم ير الـمسلحين التسعة الذين قتلهم الداخلية مع بعضهم أبدًا. لكنه لاحظ أن أبا عبدالله، مستأجر المزرعة، لم تكن لديه خبرة بتربية الدواجن، مدللًا على رأيه بموقفين، الأول أنه أغلق شبابيك العنابر بأجولة العلف والبلاستيك، في حين أن الدجاج يحتاج إلى تهوية مستمرة، السبب الثاني موقفًا يتناقله أهالي القرية بالكامل، فمنذ شهر باع الرجل الدجاجة الواحدة مقابل عشرة جنيهات في الوقت الذي كان فيه سعر الدجاجة في السوق يبلغ 19 جنيهًا بحد أدنى. يقول ماهر: «وقتها أنا قلت إن الراجل ده يا إما بيخسر نفسه يا إما مش بيفهم في تربية الطيور».

في الليلة التي دارت فيها الاشتباكات استيقظت عائلة ماهر بكاملها، على أصوات الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، بعد الفجر بقليل اختلس ماهر النظر، فرأى قوات الأمن المركزي تقف أسفل منزله، والمدرعات تحيط بالمزرعة، اقتحم أفرادٌ من قوات التأمين بيته وصعدوا إلى السطح في محاولة لتقييد المسلحين داخل البيت، واستمرت الاشتباكات نحو 5 ساعات تقريبًا. يقول ماهر: «طوال الشهرين الذين مكث فيهما أبوعبدالله مستأجرًا للمزرعة، لم أر أي شخص يدخل أو يخرج من المكان». ولا يمكنه أن يؤكد إن كان قد رأي سيارة الدفع الرباعي، ليلًا أم قبل ذلك بأيام، تلك السيارة التي نقلتها القوات خلال انسحابها عقب انتهاء المواجهة.

قبل اقتحام قوات الأمن للمزرعة كانت سيارة الدفع الرباعي تستقر داخل أرض خالية في النصف الخارجي للمزرعة، وفي النصف الداخلي الذي يحتله مبنى من طابقين، وتقع في طابقه الثاني عنابر التفريخ، كان المسلحون يعيشون في غرفتين متجاورتين بجانب عنابر الدجاج. غطت أرض الغرفة الأولى علب أدوية، بعضها مضادات حيوية، وبعضها مسكنات للألم، وثلاث هواتف خلوية تم تهشيمها إلى قطع صغيرة بعد نزع كروت الذاكرة الخارجية (ميموري) وشريحة الإتصال، وتناثرت على الأرض ملابس ملطخة بدماء لم تجف، حيث دارت المعركة هنا، وتركت آثار الرصاص على الحوائط.

وفي الغرفة الثانية يوجد سرير عليه آثار دماء جفت تبدو لشخص كان يعالج من إصابة أو نزيف، وعلى طاولة معدنية مجاورة له تستقر بعض المحاليل ومطهرات ما بعد الجراحه، وبعض المضادات الحيوية، أما القطن والشاش المدمم فجفت دماؤه وتغير لونها على الأرض المتربة.

وفي ممر يصل بين الغرفتين، انتثر طعام كان يحتل الثلاجة الواقفة في منتصف المسافة، تبقت بها لحوم وأسماك نيئة، وعلبتي تمور لشركتن مختلفتين، لكن يعود عنوانهما إلى نفس المكان، الواحات البحرية، وهي المدينة التي شهدت مقتل 12 شخصًا بينهم سائحين مكسيكيين على أيدي قوات الجيش والشرطة في عملية مشتركة، ظنت خلالها القوات أن السائحين المقتولين هم إرهابيين مطلوبين بعد تورطهم في مقتل «صالح أبوالقاسم»، الذي كان الأهالي في الواحات البحرية يلقبونه بـ«GPS» الصحراء.

فقبل مقتل الإرهابيين الـتسعة بأسبوعين، وعلى بعد 370 كيلوا مترًا غرب محافظة الجيزة ، وتحديدًا بقرية «الحيز» جنوب الواحات البحرية، اقتحم مجهولون بأربع سيارات دفع رباعى القرية، وخطفوا «صالح أبوالقاسم» من منزله، وبعد يوم واحد نشروا صورته مذبوحًا.

كان «صالح أبوالقاسم» يساعد قوات الجيش كدليل لتتبع أثر الإرهابيين والمهربين خلال العمليات العسكرية، ولم يستطع الأهالي وقت اختطافه من القرية تحديد هوية المسلحين، لكنهم أشاروا إلى أنهم حددوا اتجاه فرارهم ناحية الشمال أثناء مطاردة الشرطة لهم بعد ساعتين من حادث اختطاف «صالح»، بحسب عصام الديب، وهو شاب يعمل كدليل بالواحات البحرية، قال ذلك لمحرر «المصري اليوم»، بعد يوم واحد من اختطاف أبوالقاسم، خلال اتصال هاتفي، وتنبأ الديب أن مختطفي الدليل فروا باتجاه محافظة الجيزة التي تقع بها المزرعة التي دارت بها تلك المواجهة. وهو نفس ما تكهنت به مصادر أمنية وقتها، أعلنت عن إصابة بعض المتورطين في حادث الاختطاف خلال المطاردات التي وقعت ليلة الحادث.

بحسب خرائط جوجل فإن اتجاه الشمال من الواحات البحرية يؤدي إلى ثلاثة نقاط تمهد لبداية طريق في الصحراء الغربية، الطريق الأقرب طريق البترول، ويصل الطريق إلى مصانع تكرير البترول، ويحتوى على نقاطًا أمنية ووحدت للقوات المسلحة على امتداد طوله، ويقع داخل نطاق محافظة مطروح، بحسب مصدر أمني فند لـ«المصري اليوم» النقاط الأمنية على طول الطريق. أما الطريق الثاني فهو طريق الفيوم، ويشرح المصدر الذي رفض ذكر اسمه أن هذا الطريق هو نقطة العبور من الواحات البحرية إلى طريق الفيوم، مما يعني الإنتقال لمحافظة أخرى أيضاً، حيث تقع الواحات البحرية إداريًا داخل نطاق محافظة الجيزة. وتحدد خريطة جوجل طول المسافة بين الواحات البحرية وقرية الزيدية بمحافظة الجيزة 375 كيلو

لكن مصدر آخر، بقطاع أمن الجيزة، يقول إن التحقيق لايزال جاريًا، للتأكد إذا كانت هناك صلة بين هؤلاء المسلحين المقتولين، والآخرين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن في الواحات البحرية، قبل أسبوعين.

ويقول مصدر بشرطة المرور بقطاع غرب الجيزة إنه جرى الدفع بتعزيزات أمنية ودوريات خلال المأمورية التي داهمت منطقة غرد أبومحرق بـ«الواحات البحرية»، مطلع الأسبوع قبل الماضى، الذي شهد واقعة مقتل السائحين، موضحًا أن تلك التعزيزات تمركزت بجميع الطرق المؤدية إلى منطقة الواحات، في محاولة للتضييق على المتهمين وضبطهم.

وبسؤاله عن إمكانية هروب المتهمين إلى مناطق سكنية بنطاق شمال الجيزة، يرى المصدر- الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن المتهم الذي يستطيع أن يختبئ بمناطق سكنية عقب المطاردات الأمنية إما أن ينسق مع آخرين في تلك المناطق، وإما أن الظروف ساعدته في طريق الهرب، بعدما تمكن من سلوك مدقات وطرق فرعية للهروب من مسرح الاشتباكات.

ويضيف المصدر أن القوات الأمنية فرضت كردوناً أمنياً حول مسرح الاشتباكات في الصحراء الغربية، خاصة في ناحية الطرق المؤدية إلى مناطق العلمين وسيوة والفيوم والواحات، للتضييق عليهم ومنعهم من الهرب، وكذلك مناطق أكتوبر وشمال الجيزة، لتفادى دخولهم إلى المدن السكنية.

ويضيف المصدر: «الأولوية الآن هي ضبط أبوعبدالله، مستأجر المزرعة خلال الشهرين الماضيين، الذي هرب قبل دخول قوات الأمن بساعات، باعتباره المطلوب رقم واحد في تلك القضية، بعد أن قام بإيواء المسلحين مدة تراوحت بين 4 و7 أيام على أقل تقدير، قبل ضبطه».يؤكد مكوث تلك العناصر المسلحة في المزرعة منذ فترة قد تصل لأكثر من أسبوع ما لاحظه محررا «المصري اليوم» بغرف المبنى، حيث لاحظا خلال زيارتهما كمًا كبيرًا من علب الدواء، وحجم الأطعمة التي كانت ملقاه أمام الثلاجة المفتوحة في الممر الواصل بين الغرفتين، حيث كانت تحوى قطعتي لحم يصل وزن الواحدة منهما إلى خمسة كيلوجرامات، وثلاث سمكات كبار، وبعض التوابل والأجبان، يوضح المصدر الأمني: «كان أبوعبدالله يتولى مسؤولية إحضار الطعام، والماء إليهم».

مضيفًا: «لم تُسجَّل مشاهدة لأي من تلك العناصر خارج أسوار المزرعة»، وهو الشئ نفسه الذي قاله ماهر يوسف الذي يسكن على بعد عشرة أمتار فقط من المزرعة، وتطل شرفات منزله عليها مباشرة.

المزرعة التى اختبأ بها الإرهابيون

يرجح المصدر الأمني هروب عددًا من العناصر المسلحة خارج المزرعة أثناء الاشتباك مع قوات الأمن، لم تُحدد هويتهم أو أعدادهم، لكنه يقول إن انتشار الخدمات الأمنية متواصل حول نطاق المزرعة للتضيق عليهم وضبطهم.

يتابع: «حتى الآن جرى ضبط عدد من المشتبه في علاقتهم بالخلية الإرهابية، إلى جانب خفيرين شقيقين بالمنطقة، الأول يدعى محمد كامل ومنوط به تأمين المزرعة، والثاني يدعى عبدالباسط كامل، وهو على علاقة بالسمسار الذي توسط لإبرام عقد الإيجار».

لكن شقيق الأخوين يقول إن شقيقيه ليسا مشتبهًا بهما، لكنهما فقط متحفظ عليهما للتحقيق. يقول: «لقد كانا مجرد وسيطين لتأجير الأرض، يهتمان بتأجيرها لجلب عائد مادى من مستأجر الأرض يساعد مع ما يتحصل عليه الخفير لحماية الأرض شهريًا من مالكها».

ويضيف: «أخي بالطبع لم يكن يعلم بهوية من في الداخل، لأن عمله يتلخص في حماية الأرض من الخارج والاطمئنان عليها»، ويشير إلى أنهم لم يعرفوا أبوعبدالله سوى عن طريق سمسار من قرية سئيل.

وفي اليوم الأخير الذي رأى محمد كامل فيه أبوعبدالله، جاءت سيارة ملاكي بداخلها ثلاثة أشخاص يخبروه أنهم أقارب أبي عبدالله، الذي نزل سريعًا من مزرعة الدواجن ليستقبلهم ويطلب من محمد كامل الانصراف مع اقتراب منتصف الليل من الاكتمال».

صورة الخبر: مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة

صورة الخبر: مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة

المصدر: almasryalyoum

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على «المصري اليوم» داخل مزرعة «الإرهابيين» بالجيزة (صور)

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
83566

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

تابع وشارك ثورة 25 يناير على صفحتك في فيسبوك وتويتر الآن:

أخبار مصر الأكثر قراءة

كل الوقت
30 يوم
7 أيام