السيسي ورجال الأعمال.. هل حانت لحظة التوافق؟

السيسي ورجال الأعمال.. هل حانت لحظة التوافق؟

نشر المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية تقريرا يتناول العلاقة ما بين الرئيس السيسي ورجال الأعمال فى مصر، خاصة بسبب الدور الكبير الذى لعبه ومازال يلعبه رجال الأعمال فى المعادلة الاقتصادية والسياسية المصرية. ولأهمية العلاقة بين رجال السياسة ورجال الأعمال، فإن استطلاع شكل هذه العلاقة هو محور اهتمام هذا التقرير.
عام من الشد والجذب ولكن ...
يشير التقرير إلى أن التوتر يعد السمة الغالبة لطبيعة العلاقة بين رجال الأعمال والرئيس السيسى، ويدلل التقرير على ذلك أنه منذ الاجتماع الذى عقده الرئيس السيسى -حينما أعلن ترشحه- مع رجال الأعمال وطالبهم بمبلغ 30 مليون جنيه لإسعاف ميزانية البلاد، وكرد فعل من رجال الأعمال على هذا الأمر ورفض البعض له لم يقدموا التسهيلات الكافية لعمالهم فى المصانع والشركات للتصويت فى الانتخابات الرئاسية، حتى مع نفى البعض لهذا الأمر.
وقد أشار التقرير إلى بعض المخاوف المتبادلة بين رجال الأعمال والرئاسة وأهم هذه المخاوف: رؤية الرئاسة لمستقبل النظام الاقتصادي، الدور المتوقع للمؤسسة العسكرية في الحياة الاقتصادية حيث تعول عليها الرئاسة بصورة كبيرة كموازن للسوق المصرى الأمر الذى يغضب بعض رجال الأعمال لأنه سينهى احتكار البعض للسوق، الدور المتوقع لرجال الأعمال حيث ترى الرئاسة دورا تنمويا لرجال الأعمال ولكنها فى الوقت ذاته سوف تساهم فى صناديق دعم الاقتصاد المصرى من خلال التبرع (مثل صندوق تحيا مصر)، ومن ناحيتها فإن الرئاسة لديها قلق من أن يتكتل رجال الأعمال كقوة سياسية فاعلة تعمل على عكس ما تريده الرئاسة، خاصة بسبب سيطرة بعض رجال الأعمال على العديد من الأحزاب السياسية.
وقد وصف التقرير العام الأول من رئاسة عبد الفتاح السيسى بأنه عام من الشد والجذب بين كتلة رجال الأعمال من ناحية والرئاسة من ناحية أخرى، ومن أهم المؤشرات التى أوردها التقرير كدليل على ذلك إصدار وزارة الماليّة في 7 أبريل 2015، اللائحة التنفيذيّة لقانون فرض ضريبة 10% على أرباح البورصة للمضاربين، وحملة أسهم الشركات، انطلاقًا من أن أي أرباح يجب أن تفرض عليها ضرائب، بما فيها أرباح البورصة تحقيقًا للعدالة الاجتماعية. وقد لقي قانون "ضرائب البورصة" رفضًا من بعض رجال الأعمال. وكرد فعل من رجال الأعمال على هذا القانون عمدوا إلى تسبيب بعض الخسائر للبورصة كضغط على النظام للتراجع عن القانون. ويضيف التقرير مؤشرا آخرا على هذا التوتر وهو قرار البنك المركزي في 4 فبراير 2015 بتقييد إيداعات الأفراد والشركات في البنوك من الدولار بعشرة آلاف دولار كحد أقصى في اليوم، و50 ألف دولار كحدّ أقصى في الشهر، انطلاقًا من أن تقييد إيداعات الدولار سيؤدي إلى تقليل الطلب عليه، مما يخفض سعره في السوق السوداء للعملة، فيما رفض بعض رجال الأعمال ذلك، معتبرين أنّ القرار أدّى إلى شلل حركة الاستيراد تمامًا. وأما المؤشر الأخير الذى يسوقه التقرير هو الضريبة التصاعدية فالبعض يرى أنها فى حالة فرضها سيرفضها بعض رجال الأعمال، ومن ثم يرى بعض مستشارى الرئيس ضرورة إصدار هذه الضريبة وعدم انتظار البرلمان القادم الذى سيكون لرجال الأعمال فيه دور كبير ومن الممكن أن يرفضوا هذه الضريبة.
نهج تكاملى بين النظام ورجال الأعمال:
ويرى التقرير أنه على الرغم من التوتر الذى شاب العلاقة فى العام الأول من رئاسة السيسى إلا أنها تتجه -وإن ببطء- نحو التكامل المدفوع بالتوافق المصلحي الذي يسهل التوافق حول أبعاده. ففي ظل سعي "السيسي" للنهوض بالبلاد من كبوتها، وتحقيق طفرة اقتصادية، يبدو أنه بحاجة لخبرة رجال الأعمال الطويلة في السوق المصري، مما يتطلب وجود تعاون بين مؤسسات الدولة ورجال الأعمال، وهو ما لن يتحقق دون توفير مناخ استثماري جيد، وتشريعات اقتصادية تحفـز رجال الأعمال على تعزيز استثماراتهم. ومن ثم فالرئيس مطالب بخلق مناخ جيد للاستثمار، وإصدار قوانين محفزة لرجال الأعمال دون تفرقة بينهم، كما أنه على الرئيس الاستعانة برجال الأعمال في مواجهة أزمة البطالة.
وفى النهاية أشار التقرير إلى أن أبرز ملامح هذا النهج التكاملى تتمثل فى:
تبرع بعض رجال الأعمال (على اختلاف القيمة) لصندوق تحيا مصر.
إصدار الرئاسة بعض القرارات التى لاقت ترحيب كبير من رجال الأعمال ومن بينها قانون الاستثمار الموحد، وتعديلات قانون الإجراءات الجنائيّة التي تجيز التصالح مع رجال الأعمال في قضايا الاستيلاء على المال العام، بشرط ردّ ما تمّ اختلاسه بتقدير من لجنة خبراء تتبع مجلس الوزراء.
تصاعد التعاون بين النظام ورجال الأعمال في الأنشطة الخارجية للرئاسة، فقد كان لرجال الأعمال المصريين حضور واضح في النشاطات الخارجية للرئيس خلال العام الأول من رئاسته، وهو ما تجلى خلال لقاءاته مع رجال الأعمال المصريين في زياراته المختلفة، مثل زيارته للصين، والإمارات، وإسبانيا، وغيرها.

المصدر: الاموال