آخر الأخبارعلم وتقنية › مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

صورة الخبر: مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر
مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

يوافق هذا العام الذكرى الخمسين لمهمة ناسا الفضائية المأهولة جيميني (أو الجوزاء)، وقد تعلمت ناسا من هذا البرنامج الفضائي الذي يعود إلى أواسط الستينيات دروساً قاسية، كما يكشف الصحفي العلمي ريتشارد هولينغهام.

ففي 5 يونيو/حزيران عام 1966، وعلى ارتفاع 200 كيلومتر فوق استراليا، كان جين سيرنان يحاول تشغيل واحدة من أسوأ المركبات الفضائية تصميماً وتجهيزاً.

وكانت وحدة المناورة الخاصة برجل الفضاء على غرار ما هو معروف في أفلام جيمس بوند الذي يطير بصاروخ مثبت فوق ظهره.

فلتشغيل وحدة المناورة هذه، كان على سيرنان مغادرة كبسولة جيميني الفضائية، والسير في الفضاء نحو الجزء الخلفي، ثم يقوم بنشر الدعامات والأذرع، وتشغيل مجموعة معقدة من صمامات الوقود والأكسجين، معظمها في الجانب المظلم الذي لا يتسنى رؤيته، قبل أن يعود إلى الكبسولة من جديد.

وكان سيرنان يرتدي بدلة مصنوعة من نسيج خاص للوقاية من عادم الصاروخ. ويقول سيرنان: "كان صاروخاً حقيقياً، يعمل بثاني أكسيد الهيدروجين، وكانت واحدة من فوهات تلك الصورايخ موجهة مباشرة بين ساقي، وكان ينبغي أن يدعو ذلك إلى التساؤل منذ البداية."

وبذل رجل الفضاء سيرنان جهوداً مضنية لإعادة تشغيل المركبة، رغم ارتفاع درجة حرارة البدلة التي يرتديها، وتغبش القناع الذي يلبسه، مما جعله يتنفس بصعوبة. وقد وصف في وقت لاحق تجربته تلك بعبارة "السير في فضاء جهنم".

الضغط المؤلم
ويقول سيرنان: "أنت مشلول داخل بدلة الضغط الفضائية التي لا تتيح مجالاً جيداً للحركة، وتسافر حول الأرض بسرعة 28 ألف و800 كيلومتر في الساعة، ولا تستطيع أن ترى شيئاً."

لكن من حسن حظ سيرنان أن إعادة تشغيل وحدة المناورة كان في غاية الإرهاق لدرجة دعت مركز التحكم بالرحلة إلى إلغاء العملية قبل أن يتمكن رجل الفضاء من تشغيل المركبة.

ومع ذلك، تمكن سيرنان في نهاية الأمر من العودة إلى سفينة الفضاء، وهو يرتدي بنطاله المعدني المرهق، حيث تعين عليه أن يعتصر نفسه ليدخل في المقعد ويغلق الباب على نفسه.

ولم يكن ذلك بالطبع الإرباك الوحيد في مهمة جيميني الفضائية قصيرة الأجل. فهناك الخلل في الدفاعات الذي تسبب في الدوران العنيف، ووحدات الهبوط التي أخفقت في أن تنفتح، والمقاعد التي مزقت دمى الاختبار، والتي كانت حوادث مؤسفة أكثر من المتوقع أن تمر بها مركبة الفضاء جيميني.

ومن المثير للدهشة إذن والحال كذلك هو أن يعود كل رواد الفضاء الذين كانوا على متن رحلات جيميني إلى الأرض سالمين. وسيعود سيرنان إلى الفضاء مرتين في سفينة أبولو، وسيخلد في التاريخ كآخر إنسان هبط على سطح القمر.

وجميع رحلات جيميني الـ 12 تمت في ظرف عامين ونصف العام فقط (كانت 10 رحلات منها على متنها رواد فضاء)، بين رحلات ناسا الاستكشافية ميركري، وبين الهبوط على القمر، ومن اختبار التكنولوجيا إلى نقل الإنسان إلى الفضاء وإعادته سالماً الى الأرض.
كل رحلة كانت تحدياً

وكشفت رحلات جيميني أمورا متعلقة بالسير في الفضاء، وكيف يمكن لمركبتي فضاء الدوران حول الأرض في وقت واحد، وأظهرت تحديات العيش في مدار الأرض لفترات طويلة.

وقد اختبرت رحلات المركبة أيضاً طعام رواد الفضاء، وأجهزة إبقائهم على قيد الحياة، وخلايا الوقود. مما يجعلها تحتل مرتبة متقدمة بين مهمات الفضاء التي تم تنفيذها على الإطلاق.

يقول سيرمان: "كل رحلة كانت محاولة جديدة، وكل رحلة كانت تحدياً جديداً. ظننت أن رحلتي كانت فاشلة، لكن تبين لي أننا تعلمنا الشيء الكثير مما مكننا من المضي قدماً، حتى تمكنا في نهاية المطاف من أن نكون ناجحين جداً في السير على سطح القمر."

وتختلف جيميني في شكلها عن أي مركبة فضائية سبقتها أو جاءت بعدها، إذ أنها صممت لتحمل رجلي فضاء إلى المدار. وداخل الكبسولة التي تتخذ شكل مخروط يوجد مقعدان، ولوحة أدوات، ووحدة تحكم مركزي، وتشبه كثيراً تصميم السيارة.

ويعلو كل مقعد غطاء هو بمثابة الباب الذي يمكن لرجل الفضاء فتحه ليتمكن من مغادرة المركبة والسير في الفضاء.

في الحقيقة، إن أفضل وسيلة لتقدير ما قامت به جيميني هو أن تلبس بدلة من بدلات رجال الفضاء وتغلقها على نفسك وأنت تجلس في مقدمة سيارتك بصحبة زميلك في العمل لمدة أسبوعين. ليس هناك مرحاض بالطبع، فقط بعض أكياس البلاستيك!
مركبة فضائية للطيار الحربي

"إنها ضيقة جداً، وبإمكانك مقارنة حجمها بحجم المقعدين الأماميين لسيارة فولكسفاجن الخنفساء،" هكذا يصفها إيد ستيوارت، من مركز الفضاء والصواريخ في ألاباما، عندما كنا نقف أمام إحدى هذه الكبسولات.

وكبسولة جيميني المعروضة في المتحف هي إحدى كبسولات المحاكاة الأصلية. كل رجل فضاء استقل جيميني قضى ساعات داخل هذا النموذج للتدرب على إجراءات الطواريء.

ويضيف ستيوارت: "يطلقون على هذه الكبسولة مركبة الطيار الحربي الفضائية، كما أن الطريقة التي صممت بها النوافذ والمقاعد تجعلها أقرب إلى الطائرة منها إلى كبسولات ميركري السابقة."

لقد صممت هذه المركبات الفضائية على أي حال للطيران. وهي مزودة بكمبيوتر للتوجيه الإلكتروني، (ومزود بذاكرة سعتها 12 كيلوبايت، وبرامج تبادلية على شريط ممغنط) وتضم أجهزة حماية متعددة، وجهاز رادار.

وكانت إحدى المهمات الرئيسة لمركبات جيميني إثبات أنه بإمكان سفينتي فضاء أن تهبطا وتدورا في المدار المحدد خارج كوكب الأرض. إنها تجربة فذة استوجبت حسابات معقدة، وتحليق في غاية الدقة، ودقة في التوجيه. وبدون هذه الإمكانات، لم يكن سيكتب لأبولو أن ترى النور.

ويشرح ستيوارت قائلاً: "كانت الحركة على متن المركبات الفضائية السابقة مثل ميركري وسفينة الفضاء الروسية محددة سلفاً وليست دقيقة، أما في جيميني فقد تطلب الأمر تحكماً كاملاً بالمركبة، وهو أمر لم يسبق أن فعله أحد من قبل."
رؤية سانتا كلوز

وكان من المفترض أن تكون المحاولة الأولى للقاء بين مركبتين في مدار واحد حول الأرض بين جيميني 5 ومسبارغير مأهول. كما كان يفترض أن يتم التخلي عن هذا المسبار بعد أن تخفق دفاعات المركبة الفضائية. المحاولة الثانية كانت لجيميني 6 وقد ألغيت بعد انفجار المركبة الفضائية بعد وقت قصير من انطلاقها.

مع ذلك، ونظراً لأهمية الإجراءات، قررت ناسا المضي قدماً وأطلقت جيميني 7 وعلى متنها رجلي الفضاء فرانك بورمان وجيم موفيل. وبعد 11 يوماً في 15 ديسمبر/كانون الأول عام 1665، أطلقت جيميني 6 وعلى متنها كل من والي شيرا و توم ستافورد في مهمة اعتراض.

وخلال ستة أشهر، كانت المركبتان تحلقان فوق بعضهما وتفصلهما عن بعضهما مسافة 36 متراً.

وكما أنها حققت إنجازات تقنية غير مسبوقة، فقد اشتهرت تلك المهمة الفضائية بشعار "تغلب على الجيش" الذي وضعه الضابط "شيرا" في القوات البحرية على شباك مركبته الفضائية من باب المنافسة مع المجند "بورمان" في الجيش، والذي كان يستقل الكبسولة المجاورة.

واعتاد الأمريكيون على المنافسة بين الجيش والبحرية والقوات الجوية، واعتبار كل فريق منهم أنه أفضل من الآخر، واعتاد منتسبو البحرية أو القوات الجوية في سياق هذا التنافس على رفع شعار "تغلب على الجيش".

واحتفل رجال الفضاء كذلك برؤية سانتا كلوز مع ترديد أغنية "jingle bells" على أنغام آلة الهارمونيكا الموسيقية. لم يكن ذلك هو الإنجاز الأعظم للمركبة جيميني، لكنه سبق فضائي آخر.

وتمر في هذا الأسبوع الذكرى الخمسين لإطلاق أول رحلة قامت بها جيميني إلى الفضاء. بعد ذلك التاريخ بأربع سنوات، كان الإنسان يمشي على سطح القمر.

ويتذكر سيرنان الماضي فيقول: "عام 1961 تحدانا الرئيس كينيدي أن نصل إلى القمر في عشر سنوات، لم نعرف شيئاً عن تكنولوجيا الذهاب إلى القمر، كان علينا أن نبتكر كل تلك التقنيات ونجيب عن أسئلة لم يكن لدينا إجابات لها، لكننا نجحنا، وتمكنا من الذهاب إلى القمر."

وجعلت جيميني القمر والسفر والحياة على المحطة الفضائية الدولية أمراً ممكناً، وتستحق أن يكتب عنها الكثير في تاريخ الفضاء.

ويحمل ستيوارت كثيراً من الإعجاب لرجال الفضاء الذين حلقوا بالمركبة جيميني إلى المجهول، ويقول: "كانوا رجالاً شجعاناً ورائعين ومميزين، لأن هناك حاجة إلى توفر رؤية ومفهوم خاص للحياة عند من يقدم على هذا النوع من العمل."

صورة الخبر: مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

صورة الخبر: مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

صورة الخبر: مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

المصدر: BBC

قد يعجبك أيضا...

أضف هذا الخبر إلى موقعك:

إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك

التعليقات على مركبة الفضاء "جيميني" وتحديات الطريق إلى سطح القمر

كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!

أكتب تعليقك
إسمك
البريد الإلكتروني

لن يتم إظهار بريدك الإلكتروني مع التعليق

الرقم السري
17227

من فضلك أكتب الرقم الظاهر أمامك في خانة الرقم السري

تابع وشارك ثورة 25 يناير على صفحتك في فيسبوك وتويتر الآن:

أخبار مصر الأكثر قراءة

كل الوقت
30 يوم
7 أيام